خطبة الجمعة .. الأسرة المسلمة وتربية الأبناء

الأسرة المسلمة وتربية الأبناء

لفضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

17 جمادى الأولى 1445 هـ – 1 ديسمبر 2023 م

————————————————————————————-

الحمد لله الذي جعل المودة والرحمة بين الأزواج والزوجات ورغّب في بناء الأسرة، نحمده سبحانه ونشكره على ما أسبغ من خير ونعمة. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ) ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، دعا إلى الله بالحكمة وكان بأفعاله وأقواله أفضل قدوة. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير آل وأسوة.

أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى :(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

معاشر المسلمين: إن الأسرة أساس المجتمع، المسلم، واللبنة الأولى في بناء كيان الأمة، والنواة الكبرى في تشييد حضارتها، بنجاحها تقاس سعادة المجتمع، وبفشلها وسيرها في مزالق الضياع ومهاوي الردى يقاس إخفاق المجتمع وتقهقر الأمة. ولقد رغَّب دين الإسلام في بناء كيان الأسرة المسلمة، وإقامة صرحها، وتكوين قواعدها، وإشادة أركانها، والحفاظ على جوها الصافي وظلها الوارف، أن تشوبه غوائل الشر والبغضاء، وبوائق النـزاع والشقاق، والشقاء والخلاف والعناء، وعوامل الشقاق والشحناء، فكان أن عُني الإسلام أول ما عُني في تكوين الأسرة، بأن شرع الزواج وحث عليه، ورغب في اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين والخلق والمنبت الحسن؛ لكونها دعامة الأسرة المؤمنة.

وحث على إنكاح من تتحقق فيه الكفاءة في دينه وخلقه وأمانته، وما ذاك إلا لتنشأ الأسرة في كنف حياة رغيدة، وظل أسرة صالحة سعيدة، يقول الله جل وعلا: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا خَطَب إليكم مَن تَرْضَوْنَ دِينَه وخُلُقَه فزَوِّجُوه، إلا تفعلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ) وقيل لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أيُّ النساءِ خيرٌ؟ قال: التي تسرُّه إذا نظر ، وتطيعُه إذا أمر ، ولا تخالفُه في نفسِها وماله بما يكره)

أيها الأخوة والأخوات! إن الأسرة الصالحة نعمة من نعم الله على عباده، يجد فيها المسلم راحة باله، وهدوء نفسه وقلبه، وأنس فكره وضميره، وطمأنينة خاطره وفؤاده.

يجد فيها السكن والراحة والمودة والرحمة في خضم مشاغل الحياة وأعبائها، ولتتأملوا -يا رعاكم الله- قوله سبحانه:  (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)  وقوله سبحانه:  (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً)  وإن التذكير بمكانة الأسرة في الإسلام وأهمية العناية بها يعد من الأمور الضرورية، لما تمثله الأسرة من منـزلة سامية في هذا الدين، ولما تتمتع به من ثقل ومسئوليات، ولما للعناية بها من أثرٍ في صلاح المجتمعات، وتثبيت دعائمها، وتقوية بنائها، ولما للتفريط فيها من عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع إذا أهملت وأصبحت عرضة للسهام المسمومة والأعاصير المدمرة. .. كما تبدو أهمية التذكير بشأنها في كل الأوقات، لا سيما ونحن نعيش في عصر أصبحت فيه الأسرة المسلمة هدفاً لكيد أعداء الإسلام، وغاية لهجومهم الكاسح؛ لأنهم يدركون -عاملهم الله بما يستحقون- أنه إذا فسدت الأسر تحقق لهم ما يصبون إليه من القضاء على قلب الأمة النابض، ومحور تربية الأجيال، وبالتالي القضاء على الأمة بأسرها.

ولكن مهما تتالت الطعنات وتتابعت الهجمات من كل حدب وصوب على النظام الأسري الإسلامي؛ فسيبقى -بإذن الله- نظاماً بالغ الدقة والإحكام، جديراً بالعناية والاهتمام، فلم يعرف العالم بأسره نظاماً للأسر أسعد ولا أكمل ولا أفضل ولا أعدل من نظام الإسلام.

وهل بقيت أمة الإسلام على مرِّ العصور، قوية الشوكة، مرهوبة الجانب، واستعصت على الاضمحلال رغم النوازل والمحن، وخلدت أمجاداً، وأنجبت أجيالاً يفخر بهم التاريخ إلا لما عنيت بهذا الجانب، فصلح أبناؤها واستقامت أجيالها؟ وهل غُزِيَ المسلمون في عقر دورهم وكثرت بينهم الفتن والمشكلات، ودبت البغضاء والخلافات، وفسد كثير من الناشئة، وتمرد كثير من الأبناء والأجيال، وعمت الخلافات الزوجية، والمشكلات الأسرية، وارتفعت معدلات نسب الطلاق في كثير من المجتمعات، وبلغت مؤشرات خطيرة تنذر بأخطار داهمه، وكثرت المشكلات الزوجية، والخصومات الأسرية في المحاكم وغيرها، وأصبحت حياة كثير من الأسر جحيماً لا يطاق؛ إلا لما أهمل كثير من المسلمين أمر الأسرة، فانشغل الآباء عن تربية أسرهم والحفاظ على أبنائهم من قرناء السوء الذين يفسدون في الأرض ولا يُصلحون.

فكم زجوا بأبناء المسلمين في مهاوي الرذيلة، والفساد، وأودية الضياع، والدمار؟ فما الذي سبب انتشار الجرائم ورواج سوق المسكرات والمخدرات، وانحراف الأحداث؟ إلا إهمال أمر الأبناء والأسر، وترك الحبل لهم على الغارب، يفعلون ما يشاءون دون رقيب ولا حسيب.

وإن انشغال من بأيديهم القوامة على الأسرة عن تسيير دفتها، وقيادة سفينتها، ومتابعة أعضائها، يقود إلى غرقها وتعرضها لأمواج الفساد وطوفان الضياع والدمار، خصوصاً في هذا الزمان الذي اشتدت فيه غربة الإسلام، وتلاطمت فيه أمواج الفساد، وكثرت الفتن، حتى لكأن الولد فيه حمل وديع في أرض ذات سباع كثيرة، إن غفل عنه تخطفته السباع الضارية والوحوش الكاسرة، والله المستعان.

كيف ونحن نعيش اليوم في عصر الانفتاح الإعلامي والتقانات الحديثة التي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت المؤثر الرئيس في عمليات التفاعل الاجتماعي، على المستوى الفردي، والأسري، والمجتمعي.

أيها المؤمنون: ماذا جنى المسلمون لما انشغل أولياء أمور الأسر عن متابعة أبنائهم وبناتهم، والقوامة على أزواجهم ونسائهم؟

إن إفراز أجيال لا تحمل رسالة، ولا تعي هدفاً ولا غاية من الجنايات العظيمة التي مردَّها إهمال التربية، وغفلة الأبوين عن القيام بواجب الإصلاح والعناية والوقاية، وقد قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) قال أهل العلم: أي: علموهم وأدبوهم.

وقال صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) وقال: (كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه) وانظروا -رحمكم الله- إلى من تربوا على مشكاة النبوة من الرعيل الأول كيف نفع الله بهم البلاد والعباد؟ وكيف كتبوا التاريخ وحققوا الأمجاد؟ وعليكم أيها الآباء -وفقكم الله وأعانكم- بحسن التوجيه والتربية، ومتابعة أبنائكم، وجهوهم، وربوهم، وانظروا أثر الأسرة المصلية التالية الذاكرة المؤمنة، وتصوروا لو كان الطفل في بيت يعاقر الفساد ويواقع الشر والباطل ماذا ستكون حاله!

والأب الراعي هو القدوة لأبنائه، والطفل صورة عن بيئته وأسرته، وقديماً قيل:

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا

                                   عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

وَما دانَ الفَتى بِحِجىً

                                وَلَكِن يُعَلِّمُهُ التَدَيُّنَ أَقرَبوهُ

عاتب بعضهم ابنه على العقوق وقد أهمل تربيته، فقال: يا أبتي! عققتني صغيراً فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً، وإنك لا تجني من الشوك العنب، وأعظم من ذلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) 

أيها المسلمون: إن طريق الخير والصلاح والفلاح، وسبيل النجاة والعز والنجاح الموصل إلى بر الأمان وشاطئ السلام إنما يبدأ -أول ما يبدأ- بإصلاح الأسر وتربيتها على الإيمان والقرآن ومنهج الإسلام والسنة؛ لتكون صماماً للأمان في المجتمع، محبة للخير والهدى، دارئة للشر والفساد والردى، قائمة بحقوق الله وحقوق عباد الله، راعية لحق الكبير والقريب وولي الأمر والعالم ومن له حق عليها، وإذا كانت الأسر -لا قدر الله- أوكاراً للشياطين، وبؤراً للفساد والمفسدين، لا يسمع فيها ذكر الله، ولا يتلى فيها كتاب الله، وإنما يعمرها اللهو واللغو والباطل؛ فقل على الأمة: السلام. . وإن المسئولية في تربية الأسر لتقع على الآباء والأمهات وعلى كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي، فيجب على كل مسلم ومسلمة أن يعرف دوره، ويقوم بواجبه في الإسهام في صلاح الأسر والبيوت، وإبعاد وسائل الفساد عنهم… وإن مما يؤسف له -أشد الأسف- أن بعض الآباء -هداهم الله- لا يعرف أسرته إلا في مواعيد الطعام والنوم دون توجيه ولا تربيه، وبعضهم يحسب أن إسعاده لأسرته إنما هو بالمسكن والمطعم والمشرب والملبس، وإشباع رغباتها المادية، وتحقيق طلباتها الدنيوية، وهيهات أن تخرج هذه التربية المادية جيلاً صالحاً أو نشئاً مستقيماً في غياب التوجيه السديد والتربية السليمة! وإننا لنتساءل: لمن تترك تربية الأبناء والبنات إذا تخلى عنها المربون والآباء والأمهات؟ لمن تترك فلذات الأكباد ومهج النفوس وثمرات الفؤاد إذا تخلى عنها البيت والأسرة؟

فاتقوا الله عباد الله! وليقم كلٌّ منكم بواجبه تجاه بيته وأسرته، وإنه بفهم كل واحد منا حقوقه وواجباته تجاه أسرته وبالعمل بها تصلح الأسر، ويتحقق للمسلمين ما يصبون إليه من استقرار أحوالهم وسعادة مجتمعاتهم، وصلاح أبنائهم، بإذن الله تعالى وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ

اللهم بارك لنا في أولادنا وبناتنا ووفقهم لطاعتك، وارزقنا برّهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين وجنبهم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن إنك سميع الدعاء.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على جزيل النعماء، والشكر له على ترادُف الآلاء، ونشهد أَنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ونشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، إمامُ المتقينَ وسيدُ الأولياءِ، صلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه الأصفياء، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الأخوة والأخوات في الله: اتقوا الله تعالى في أنفسكم وفي أسركم، وفي أولادكم وبناتكم وتفقدوهم رحمكم الله عند ترك الأوامر وفعل الزواجر، واعملوا حفظكم الله على حماية أسركم من آفات فسادها، وتهدم أركانها، وتداعي بنيانها، وأقيموا سداً منيعاً وحاجزاً كبيراً بينكم وبينها، وإن الآفات التي تهدد الأسرة منها ما يكون داخل أروقتها، ومنها ما يكون من تأثير خارج عنها، فكونوا على حذرٍ وفطنة، التزموا في جميع أموركم الأسرية نهج الإسلام الحق، وطريق السنة النبوية المطهرة، والسيرة العطرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وليقدم كل واحد في المجتمع لا سيما المعنيون بشئون التربية والتعليم وشئون الشباب والرياضة، والقائمون على وسائل التوجيه والإعلام، وكذلك أهل العلم والدعوة والإصلاح وأهل الفكر والثقافة، على الجميع أن يقوموا بالتركيز على جوانب صلاح الأسر، فإنها المجتمع المصغر، وإذا صلحت، صلحت المجتمعات كلها بإذن الله تعالى ويومها لا نشكو من تمرد الأبناء، وكثرة الخلافات الزوجية والأسرية، والمشكلات العائلية في المجتمعات.

أيها المؤمنون: صلاح الأبناء والبنات أمنية الآباء والأمهات، فيا لها من نعمة عظيمة، ومِنَّة كريمة جميلة، حين تصبح وتمسي، وترى ذريتك، وقد مَنَّ الله عليهم بالصلاح والهداية، يخافون الله، ويقيمون الصلاة، ويحافظون على دينهم، ويتخلَّقون بالأخلاق الكريمة، ذرية تحبهم ويحبونك، وتودهم ويودونك، تأمرهم فيطيعونك، تجد منهم كل احترام وتقدير يبرُّون بك، وينفعون أنفسهم، وإخوانهم ومجتمعهم وأمتهم، إن الولد الصالح لَمِن خير ما يدِّخره المرء لنفسه بعد وفاته، فأولاد الرجل من كسبه، وعملهم الصالح من عمله، ودعاؤهم الصالح زادٌ له في قبره... وكم من أب كان مغموراً فصار مشهوراً، وغدا بالخير مذكوراً، وحلَّ في الجنة قصوراً، بسبب ابن له رباه فأحسن تربيته، فبارك الله فيه ونفع به الناس! وذلك مما يُحتِّم التذكير والتواصي بأعظم سبب يُرجى أن يصلح الله به الولد؛ ذكراً كان أم أنثى، وذلكم السبب مما يملكه كل والد أباً كان أو أمًّاً، ذلكم هو دعاء الوالد لولده، فاحرصوا رحمكم الله على الدعاء لأولادكم بصلاحهم كما كان أنبياء الله ورسله، فهذا إبراهيم عليه السلام يقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) ويقول: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) ويقول زكريا عليه السلام:  (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)  ويقول تعالى في صفات عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) فأكثروا رحمكم الله من الدعاء لهم، واعلموا أن صلاحهم ينفعكم بعد موتكم يقول تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) ويقول: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ وذكر منها وولدٍ صالحٍ يدعو له) فخذوا بأسباب صلاح أبنائكم وذرياتكم قولاً وعملاً ودعاءً وقدوة تصلح أنفسكم وأسركم ومجتمعاتكم بإذن الله، وأحذروا من الدعاء عليهم، يقول صلى الله عليه وسلم: (لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ)

فاستبدلوا رحمكم الله الدعوات السيئة السلبية على الأولاد والبنات، بدعوات حسنة إيجابية؛ كقولكم الله يهديكم، الله يصلحكم، الله يوفقكم، الله يرضى عنكم، فهذه الكلمات تجعل أولادكم يوفقون في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.

اللهم إنّا نسألك أن تهدي أولادنا وبناتنا وأن تفتح لهم طُرق الخير، وتُرشدهم إلى سُبل الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة. اللهم أصلح أولادنا وبناتنا وبارك لنا فيهم ووفقهم لطاعتك وارزقنا برّهم، اللهم اجعلهم لنا مطيعين غير عاصين ولا عاقين ولا خاطئين، اللهم أعنا على تربيتهم وتأديبهم وبرهم واجعل ذلك خيراً لنا ولهم. اللهم ارزقهم المعلم الصالح والصحبة الطيبة وجنبهم رفقاء السوء، وارزقهم الحكمة والعلم النافع، وزين أخلاقهم بالحلم وأكرمهم بالتقوى وجملهم بالعافية وعافهم واعف عنهم يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، واحم حوزة الدين، ودمر أعدائك أعداء الدين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين، الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُوْرِنَا، الْلَّهُمَّ وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنَ عِيْسَىْ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ رئيس وزرائه سلمان بن حمد، الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ وَسَدِّدْ عَلَىَ طَرِيْقِ الْخَيْرِ خُطَاهُمْ، وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَا رَبْ الْعَالَمِيْنَ..

اللهم كن لأهلنا في فلسطين والأقصى وغزة، اللهم إن البلاء قد أشتد عليهم، وتوالت عليهم النكبات، وتكالبت عليهم الأمم، اللهم ارحم ضعفهم وارفع البلاء عنهم، واخذل عدوهم ومن بغى عليهم، اللهم اجبر كسرهم، وأطعم جائعهم، واسقي ظمئهم، واحمل حافيهم، وأكس عاريهم، وداو جرحاهم، وارحم موتاهم، واكتبهم عندك من الشهداء الأبرار، اللهم لا تسلط عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم… اللهم ألف بين قلوبهم واجمع كلمتهم ووحد صفوفهم على بغى عليهم.اللهم أحفظ المسجد الأقصى والمرابطين فيه، مسرى نبيك وحصنه بتحصينك وأكلاه برعايتك وعنايتك واجعله في حرزك وأمانك وضمانك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا وشهدائنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)